صحيفة دعوى تعويض عن قتل خطأ ...

لكي تكون محترفاً في الكتابة القانونية عليك أولاً الاهتمام باللغة وأدواتها (نحو وصرف وبلاغة ) ، ولكي تتمكن من ناصية اللغة فلابد من الاطلاع والتدقيق وإتقان العبارة ، خاصة أن أهم الأدوات القانونية هي اللغة ، ثم يأتي تباعاً إتقان الفكر القانوني ، والفكر القانوني يقوى ويصبح رصيناً بكثرة البحث والطلاع في أحكام النقض والسوابق القضائية التي ترسل لك المبادئ القانونية في عقلك ، ترسي آليات التفكير القانوني بمرور الوقت ، فتصبح قادراً على التفكير والتعبير القانوني .. ويصبح لك قلماً قانونياً مميزاً .. وفي مقال اليوم نقدم لكم نموذج صحيفة دعوى تعويض عن قتل خطأ ، حيث تتكون صحيفة الدعوى وفقاً للقانون من (هامش: ويدون فيه موضوع الدعوى على يسار الصفحة الأولى - بيانات المدعي والمدعى عليهم كاملة بعناوينهم وأرقامهم القومية ، ثم شرح لوقائع الدعوى ، ثم التأسيس القانوني للدعوى والذي يتناول النصوص القانونية التي تستند عليها الدعوى في طلب التعويض ، ثم في النهاية: الطلبات ، ويجب صياغتها بدقة متناهية ..
إنه في يوم ..................
الموافق ....... / ......./ 2024 الساعة
:
بناء على طلب كلاً من:
1- السيد/ .......................
، رقم قومي/ ........................ ، المهنة/
............... .
2- السيدة/ .......................، رقم قومي/ ........................... المقيمان معاً/ .............................. ، ومحلهما المختار مكتب الأستاذ/ محمد مبروك، المحامي، الكائن/ بسنتر الأردنية - الحي السابع - 6 أكتوبر .
أنا
................. محضر محكمة ....................... الجزئية، قد انتقلت بالتاريخ أعلاه وأعلنت:
أولاً: السيد/ ....................، المهنة/ مهندس مدني ، يحمل رقم قومي/ ..................... مقيم/ مساكن ضباط الرماية - الهرم - الجيزة .
مخاطباً مع/ .....................................
أنا
................. محضر محكمة ....................... الجزئية، قد انتقلت بالتاريخ أعلاه وأعلنت:
ثانياً: السادة / شركة .............. للمقاولات والتوريدات والرصف، والكائن مقرها /.................الجيزة. (شركة توصية بسيطة) سجل تجاري رقم ................ الجيزة. ويمثلها قانوناً السيد/ .....................، رقم قومي/ ..................... بصفته شريك متضامن.
مخاطباً مع / .....................................
وأعلنتها بالآتــي
حيث
أن المعلن إليه تسبب بخطئه في وفاة مورث الطالبين
ابنهم الوحيد (........) بتاريخ 16/1/2024 أثناء
عودته من عمله فجر ذلك اليوم، حيث تصادف مروره بسيارة "أوبر" يستقلها
مجموعة من الشباب بشارع ترعة المريوطية، فيصل، الهرم، وسقطت مقدمة السيارة في حفرة
في الطريق، فتعاون الجميع وقاموا بربط السيارة في مقدمة أوتوبيس لجرها بحبل، وعند
محاولة رفع السيارة من الحفرة، انقطع الحبل فانحدرت أكثر، وتصادف وجود كابل كهرباء
عاري بتلك الحفرة ما أدى لحدوث تلامس بينه وبين السيارة فتسبب ذلك في صعق ثلاثة
أشخاص بينهم مورث الطالبين وإصابة آخرين بصدمات كهربائية واحتراق السيارة.
وكان المسؤول عن أعمال الحفر تلك هو الشركة المدعى
عليها (............ للمقاولات والتوريدات والرصف)، والمهندس المشرف على أعمال
الحفر هو المدعى عليه الأول ، وذلك مثبت بالمحضر رقم ....... لسنة 2024 إداري
الهرم والمقيد برقم .............. لسنة 2024 جنح الهرم، وصدر الحكم فيه بجلسة
21/11/2024 قاضياً بمعاقبة المدعى عليه الأول:(حضورياً بالحبس ثلاث سنوات وكفالة
خمسة آلاف جنيه وتعويض مؤقت قدرة 51 جنيها ومقابل أتعاب المحاماة "
وقد استقرت محكمة النقض أن
مؤدى نص المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات أن
الحكم الصادر في المواد الجنائية تكون له حجية في الدعوى المدنية أمام المحكمة
المدنية كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين
الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته لفاعله، ومتى
فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد
بحثها ويتعين عليها أن تعتبرها وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكي لا يكون حكمها مخالفاً
للحكم الجنائي السابق له، فإذا قضت المحكمة بأن الفعل الجنائي المسند إلى المتهم
قد وقع منه فليس للمحكمة المدنية أن تعيد البحث في ذلك ... ".
(الطعن رقم 34 لسنة 8 ق - جلسة 12/1/1939 ) و(الطعن رقم 21 لسنة 13 ق -
جلسة 13/4/1944 )
حيث أنه بتاريخ 8/10/2023
تعاقدت الشركة المعلن إليها الثانية مع مديرية الطرق
بمحافظة الجيزة على تنفيذ أعمال مشروع تطوير وإعادة رصف طريق المريوطية. وبتاريخ
25/12/2023 تم استخراج تصريح عمل من قبل الإدارة العامة للمرور لمدة 15 يوماً تبدأ
من تاريخ 26/12/2023 وحتى تاريخ 9/1/2024 على أن تبدأ الأعمال من الساعة الثانية
صباحاً وحتى الساعة الخامسة صباحاً دون تعطيل حركة المرور وعلى أن يتم الالتزام
باشتراطات الأمان الخاصة بتنفيذ الأعمال
وبتاريخ 16/1/2024 وأثناء
عودة مورث الطالبين من عمله حوالي الرابعة فجراً وقعت وفاته بسبب صعق كهربائي ناتج
عن كابل كهرباء مكشوف في حفرة كبيرة في الطريق، وكان المسؤول عن أعمال الحفر تلك
هو الشركة المدعى عليها (الجواد للمقاولات العامة والتوريدات والرصف) بإشراف مهندس
التنفيذ التابع لها(المدعى عليه الأول). وتسببت الشركة المعلن إليها بخطئها في
وفاة مورث الطالبين بسبب عدم التزامها باشتراطات الأمان والسلامة والتي تحتم عليها
وضع لافتات " منطقة عمل - وأشرطة بلاستيكية تحذيرية - علامات إرشادية-
عوارض وحواجز معدنية - مخاريط - وإشارات مضيئة حمراء نهاراً وليلاً وطواحين ضوئية
تنبه المارة إلى منطقة العمل وخطورة الاقتراب من موقع العمل) وذلك وفقاً لبنود
تصريح العمل الصادر عن الإدارة العامة للمرور لصالح الشركة المنفذة. وقد ثبت
خطأ الشركة المعلن إليها خطأ مهني جسيم وذلك بمعاينة النيابة العامة وبتقرير
اللجنة الفنية التي تشكلت من مهندسي حي الهرم واللجنة الفنية التي تشكلت من محافظة
الجيزة بناءً على تكليف النيابة العامة، وبعد التحقيقات التي أجرتها النيابة
العامة (مرفق صورة رسمية)
وكشفت تحقيقات النيابة
العامة واللجنة التي تشكلت بقرار محافظ الجيزة رقم 42 لسنة 2024 بناءً على أمر
النيابة العامة، برئاسة مدير المكتب الهندسي بالمحافظة وممثلي مدرية الطرق والنقل
وحي الهرم والإدارة العامة للتفتيش المالي والإداري بالمحافظة، وقد استعانت اللجنة
برئيس قطاع شبكات كهرباء الهرم ومدير عام شبكات كهرباء فيصل، وأثبتت هذه اللجنة في التقرير الذي قدمته
للنيابة العامة والتحقيقات التي أجريت مع أفراد اللجنة أن الطريق الذي وقع فيه
الحادث كان بحوزة المقاول (المعلن إليه الثاني شركة الجواد للمقاولات) بناء على أمر
الإسناد الصادر لها من مدرية الطرق والنقل بمحافظة الجيزة بعد رسو المناقصة على
عطائها، وقد تسلمت الشركة المعلن إليها الثاني موقع العمل من تاريخ 15/10/2023
واستمر الطريق بحوزتها لتنفيذ أعمال التطوير المسندة إليها، وقامت بأعمال حفر في
بعض قطاعات الطريق حيث تبين لمهندسي الشركة أن كابلات الكهرباء عائمة على مسافة
قريبة من السطح، مما استدعى توقيف أعمال الحفر مؤقتاً لحين إخطار شركة الكهرباء
لتقوم بمعالجة الأمر، ولم تتسلم شركة الكهرباء موقع الحفر بتاريخ 19/1/2024 (أي
بعد وقوع الحادث بثلاثة أيام) واتخذت احتياطات الأمان والسلامة منذ ذلك التاريخ،
وأما قبل هذا التاريخ فكان موقع الحفر بحوزة شركة المقاولات المعلن إليها وتحت
مسؤوليتها وحراستها، خاصة أنها المسؤولة عن أعمال الحفر وكشف كابلات الكهرباء
وتعريتها من مدفنها، بل قامت الشركة بتعميق الحفر إلى متر وعشرة سنتيمترات وفقاً
لتقرير اللجنة وتحقيقات النيابة، وتركت تلك الكابلات مكشوفة ومبعثرة في الطريق دون
حراستها أو وضع علامات الأمان والسلامة لتنبيه المارة إلى خطر الاقتراب منها.
وإذا أفاد أعضاء اللجنة في
رأيهم الشخصي أن المقاول اتخذ بالفعل احتياطات الأمان والسلامة ووضع علامات
إرشادية لتنبيه المارة بأعمال الحفر وخطر الكهرباء وأن العامة نزعوا تلك العلامات
وأتلفوها لتوقيف سياراتهم أمام منازلهم، وهذا الرأي حتى وإن أصاب فهو لا يخل بقواعد
مسؤولية المقاول عن أعمال الحفر وكشف وتعرية كابلات الكهرباء؛ إذ أنه هو القائم
بالحفر وتعرية الكابلات وهو المسؤول عن حراستها والطريق بحوزته وفقاً لأمر الإسناد
ومحضر استلام الموقع سالف الذكر . ومن ثَمّ تستقر المسؤولية على عاتقه، حتى وإن
لاح له حق مقاضاة أولئك العامة ومطالبتهم بالتعويض عن الضرر الذي لحق به من جراء
نزع علاماته الإرشادية وأدوات عمله من موقع عمله بالطريق، فهو مازال مسؤولاً عن
تعويض المجني عليهم الذين تضرروا من غياب علاماته الإرشادية، غير أن نزع شريط
بلاستيكي أو علامة إرشادية من أمام المنزل لا يعني اختفاء كل العلامات الإرشادية
والحوامل والإشارات المضيئة والمخاريط والحواجز العوارض المعدنية والطواحين
الضوئية، وحتى وإن اختفت فكان على المقاول توقيف الأعمال وحراسة الموقع لحين إحضار
غيرها لتأمين العمل ..
خاصة أنه ثبت بمعاينة
النيابة العامة في يوم الحادث أن المقاول ترك أعمال الحفر عارية بدون علامات
إرشادية وكذلك المحضر الذي حرره النقيب أحمد بهاء الدين الضابط بإدارة المرور
بتاريخ 16/1/2024 والثابت به أنه أثناء مروره بطريق المريوطية لتفقد الحالة
المرورية ومتابعة أعمال الطريق والتي نتج عنها تعطل حركة المرور وحدوث كثافة
مرورية وتلاحظ له وجود حفر بالطريق باتساع متر وبعمق متر ونصف بطول طريق المريوطية
فيصل حتى أسفل الدائري وعدم وجود علامات إرشادية ومساعدات فنية ومازال الحفر مفتوح
مما يعرض حياة المواطنين للخطر.(مرفق مستند) .
وكذلك ما قررته اللجنة المشكلة بناءً على قرار
النيابة العامة من غياب تام لأية علامات تحذيرية أو احتياطات الأمان والسلامة،
فضلاً عن أنه بتاريخ 10/1/2024 تم توجيه خطاب من حي الهرم إلى السيد المهندس/ مدير
عام شبكات كهرباء فيصل بسبب عدم إنهاء الأعمال في الموعد المتفق عليه 9/1/2024
وفقاً للمدة المقررة باجتماع ديوان عام المحافظة المؤرخ 23/12/2023 مع تحميل
الشركة المسؤولية المدنية والقانونية عن عدم تنفيذ الأعمال بالوقت المحدد. وعن
الكابلات المكشوفة التي تعرض حياة المواطنين للخطر وكذلك الأملاك العامة والخاصة
للخطر، وتحميل مقاول الرصف غرامات التأخير القانونية. وتم مصادرة المعدات لأكثر من
مرة من شركات المرافق وشركة المقاولات المنفذة للمشروع (المعلن إليها) بسبب عدم
الالتزام بالتعليمات واشتراطات الأمان والسلامة .
والمحكوم عليه بالعقوبة
الجنائية في ذلك الفعل الخطأ الذي نتج عنه الضرر هو المهندس المسؤول بالشركة
المعلن إليها عن تنفيذ المشروع، وهو من العاملين لديها وذلك ثابت بإقراره الشخصي
في تحقيقات النيابة، ومن ثم تكون الشركة المعلن إليها مسؤولة عن أعمال تابعها، حيث
أنها القائمة بتعيينه في تلك الوظيفة بإرادتها الحرة ولها عليه السلطة المباشرة في
التوجيه والرقابة والإشراف، ومن ثم تكون مسؤولة وفقاً لقواعد مسؤولية المتبوع
عن أعمال تابعه وقواعد المسؤولية التقصيرية .
وحيث أن ما ارتكبه تابع المعلن إليها من جرم أودى بحياة مورث المدعين وقد أصابهم بأضرار بالغة، ومن ثم فالطالبين قد أقاموا الدعوى الماثلة بإلزام الشركة المعلن إليها بأن تؤدى لهم مبلغ وقدرة عشرة ملايين جنيه تعويضا عن الأضرار المادية والأدبية والنفسية التي لحقتهما من جراء جرم المعلن إليه الأول تابع المعلن إليها الثانية، وذلك وفقا لما جرت عليه نصوص القانون بشأن مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه، وحيث أن المتهم بالتقصير في تلك الواقعة والذي قدمته النيابة العامة للمحاكمة بتهمة القتل الخطأ، هو أحد العاملين بشركة الجواد للمقاولات والرصف، وهو إذن من تابعي تلك الشركة، وتعد الشركة بصفتها المتبوع هي المسؤولة عن أعمال تابعيها .
أولاً: الأساس
القانوني للمسؤولية:
تُعرف المسؤولية: بأنها العمل على تحميل الشخص نتائج
أفعاله، الذي يتضمن مخالفة الواجبات المسنودة إليه، وطبقًا لطبيعة هذا الواجب،
وتعود عليه المسؤولية المدنية، وهي تنقسم إلى مسؤولية عقدية، ومسؤولية تقصيرية،
ويقصد بها مسؤولية الشخص عن الأخطاء غير العمدية التي تضر بالآخرين من خلال إلزام
المخطئ بأداء التعويض للمضرور بالقدر الذي يجبر ضرره. أي أن الخطأ هو انحراف عن
السلوك الواجب على نحو لا يرتكبه الشخص اليقظ لو أنه وجد في نفس الظروف الخارجية
لمرتكب الفعل. من ثم يتعين على الإنسان أن يكون يقظا متبصرا في سلوكه، فإذا انحرف
عن السلوك الواجب مع امتلاكه التمييز الكافي لإدراك انحرافه اعتبر هذا الانحراف
خطأ موجب للمسؤولية.
حيث إنّ القانون المدني نص في المادة (163) على أن:"
كل خطأ سبب ضرر للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض".
وتنص المادة 164/1 يكون الشخص مسئولاً عن أعماله
غير المشروعة متى صدرت منه وهو مميز
. إذ أنّ المحور الأساسي في قيام المسؤولية التقصيرية هو الخطأ الذي تسبب بالضرر، وعناصر المسؤولية
التقصيرية في القانون المصري ثلاثة:
·
الخطأ : وهو أول
أركان المسؤولية التقصيرية، وتعريفه هو كل من ارتكب فعلًا سبب ضرراً للغير ويلزم بتعويضه.
·
الضرر : وهو الركن الثاني
من أركان المسؤولية التقصيرية، فلا تتحقق المسؤولية إلا بوجود الضرر.
·
علاقة السببية: هي
حلقة الوصل بين الضرر والخطأ، وتوافرها شرط أساسي لقيام المسؤولية والحكم بالتعويض
تبعًا لذلك، فتتمثل في أن يكون الخطأ متصلاً بالإصابة أو الوفاة اتصال السبب
بالمسبب، فلا يُتصور وقوع أحدهما بغير قيام الخطأ .
فالمسئولية التقصيرية لا تقوم إلا بتوافر أركانها
الثلاثة من خطأ ثابت في جانب المسئول إلى ضرر واقع في حق المضرور وعلاقة سببية
تربط بينهما.. وهو ما أكدته محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 4237 لسنة 73
القضائية، أن المسئولية التقصيرية لا تقوم إلا بتوافر أركانها الثلاثة، من خطأ
ثابت في جانب المسئول، إلى ضرر واقع في حق المضرور، وعلاقة سببية تربط بينهما.
1- وتنص المادة (174) :" ۱- يكون
المتبوع مسئولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع، متى كان واقعاً منه
في حال تأدية وظيفته أو بسببها. ۲- وتقوم رابطة التبعية، ولو لم يكن المتبوع حراً في
اختيار تابعه، متى كانت له عليه سلطة فعليه في رقابته وفي توجيهه ".
2- وتنص المادة (175) للمسؤول عن
عمل الغير حق الرجوع عليه في الحدود التي يكون فيها هذا الغير مسؤولاً عن الضرر ".
بما يعني أن الشركة القائمة بأعمال الحفر إذا لم توفر للمهندس أدوات الأمن
والسلامة من علامات وحواجز وإشارات مضيئة وأشرطة بلاستيكية وعمال يوزعون هذه الأدوات
في الأماكن المطلوبة لها وقت اللزوم، فلا يكون المهندس مسؤولاً عن التعويض حتى وإن
ظل مسؤولاً مسؤولية جنائية..
3- وتنص المادة (178): كل من يتولى
حراسة أشياء تتطلب حراستها عناية خاصة أو حراسة آلات ميكانيكية يكون مسؤولاً عما تحدثه
هذه الأشياء من ضرر، ما لم يثبت أن وقوع الضرر كان لسبب أجنبي لا دخل له فيه
..."
ومفاد نص المشرع على مسؤولية المتبوع عن الضرر الذي
يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعاً منه أثناء تأدية وظيفته وبسببها وهي
مسؤولية تحفظ للمضرور حقه في التعويض في حالات لا يتيسر فيها حصوله على التعويض من
المسؤول عن الضرر نظراً لإعساره ... ولها شروط:
الشرط
الأول: رابطة التبعية: وتقوم على
أساسها مسؤولية المتبوع؛ تقوم هذه المسؤولية على وجود سلطة فعلية في الرقابة
والتوجيه تكفي لقيام علاقة التبعية. فتقوم التبعية ولو لم يربط المتبوع بالتابع
علاقة تعاقدية، وكذا إن وجدت علاقة عقدية باطلة أو حكم ببطلانها لا يمنع من قيام
رابطة التبعية. وهذا ما أكدته محكمة النقض المصرية حيث قررت أن:" أساس مسؤولية
المتبوع ما للمتبوع من سلطة فعلية في إصدار الأمر إلى التابع في طريقة أداء عمله
والرقابة عليه في تنفيذ هذه الأوامر ومحاسبته عن الخروج عليها وهو الأمر الذي تقوم
به سلطة توجيه الرقابة في جانب المتبوع ". وقضت كذلك
بأن: تقوم علاقة التبعية على توافر الولاية في الرقابة والتوجيه بأن يكون للمتبوع
سلطة فعلية طالت مدتها أو قصرت في إصدار الأوامر إلى التابع في طريقة أداء عمل
معين يقوم به التابع لحساب المتبوع، وفي الرقابة عليه في تنفيذ هذه الأوامر
ومحاسبته على الخروج عليها، حتى ولو لم يكن المتبوع حراً في اختيار التابع ".
وقد قيل بحق أن العبرة في قدرة المتبوع على ممارسة السلطة الفعلية في التوجيه
والرقابة بنفسه أو بواسطة من يمثله سواء استعمل تلك السلطة أو لم يستعملها ما دام
يملك حق الرقابة وإصدار الأوامر ".
الشرط الثاني: وقوع العمل غير المشروع أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها
:
فيجب بداية أن يكون عمل التابع غير مشروع وقد تنعقد مسؤولية التابع عن الفعل الشخصي وفي هذه الحالة يجب إثبات خطأ التابع . كما يمكن أن تتحقق مسؤولية التابع على أساس المسؤولية عن عمل الغير والمقصود بذلك مسؤولية متولي الرقابة وفيها يكون الخطأ مفترضاً أي أن مسؤولية المتبوع تنعقد إذا لم يتمكن التابع من نفي قرينة الخطأ إما بأنه قام بواجب الرقابة أو بقطع علاقة السببية. أي أنه إذا تحققت مسؤولية التابع على أساس الخطأ الثابت أو على أساس الخطأ المفترض تعين مساءلة المتبوع عن أعمال تابعه حتى ولو تعذر تعيين هذا التابع من بين تابعي المتبوع أثناء تأدية وظيفته أو بسببها أو يكون الخطأ في أثناء الوظيفة إلا إذا كان فعل التابع يدخل في أعمال وظيفته، ويضرب الفقه مثلاً على ذلك بخطأ الطبيب في المستشفى الذي يعمل فيه لحساب المتبوع في علاج مريض وقاد المركبة وأصاب أحد المارة أثناء قيادته سيارة مخدومه. وكذا يمكن أن يقع خطأ التابع بسبب الوظيفة أي لا يرتكبه التابع أثناء الوظيفة لكنها هيأت له الفرصة لوقوعه أو سهلت وقوعه.
ويتعين التفرقة في الحكم بحسب ما إذا كانت الدعوى أمام القضاء المدني يكون للمضرور الرجوع مباشرة على المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة دون حاجة لإدخال التابع في الدعوى أو بما يسمى بالضمان القانوني وعلى عكس ذلك إذا رفعت دعوى المسؤولية أمام القضاء الجنائي أي عن جريمة ارتكبها التابع تعين بالضرورة إدخال التابع في الدعوى؛ ذلك أن أساس مسؤولية المتبوع جريمة التابع بما يستلزم وقوع خطأ من التابع لذا يتعين اختصامه.. " وقد استقر قضاء النقض في مصر واطمأن إلى الأخذ بنظرية الضمان أو الكفالة لتأسيس مسؤولية المتبوع عن عمل التابع حيث تبنى ذلك في قضائه مقرراً أن مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة تقوم على اعتبار أن المتبوع في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون وليس العقد.." ونخلص من ذلك أن المشرع قد أقام مسؤولية المتبوع عن خطأ تابعه الذي نتج عنه ضرر أصاب الغير بشرط توافر علاقة التبعية بما تثبت للمتبوع من سلطة فعلية في الرقابة والتوجيه على التابع الذي أتى عملاً غير مشروع أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها ..
وقضت مكمة النقض
المصرية بأن:" إقامة الحكم قضاءه بمسؤولية الطاعن عن التعويض على ما استخلصه
من أوراق الجنحة آنفة الذكر أن الخطأ وقع من أحد العمال التابعين الذي أدار مفتاح
تشغيل الألة - البريمة - أثناء قيام المطعون عليه بأعمال صيانتها مما نجم عنه حدوث
إصابته فإنه يكون قد رد الحادث إلى خطأ تابع الطاعنة ورتب على ذلك مسؤوليتها عن
الضرر، وكان مؤدى هذا الحكم المطعون فيه أنه قطع - وفي نطاق ما لمحكمة الموضوع من
سلطة تقديرية ولأسباب سائغة - أن مرتكب الفعل الضار رغم الجهالة بفاعله أو تعذر
تعيينه من بين العاملين لديها هو أحد تابعي الطاعنة، وكان يكفي في مساءلة المتبوع
عن أعمال تابعه غير المشروعة أن يثبت أن الحادث قد نتج عن خطأ التابع ولو تعذر
تعيينه من بين تابعيه، وكان الثابت أنه لم يصدر حكم جنائي بات بأن إصابة المطعون
عليه، فإن تعييب الحكم بما ورد بسبب النعي لا يعدو أن يكون - في حقيقته - جدلاً
فيما تستقل محكمة الموضوع بتحصيله وفهمه وتقديره وهو ما لا يجوز أمام محكمة النقض،
ويكون ما قرره الحكم في صدد مسؤولية الطاعنة عن التعويض صحيحاً في القانون
(المادتان 101 ، 102 إثبات ، 174 مدني ، 253 مرافعات )
(الطعن
رقم 4861 لسنه 61 ق جلسة 28/12/1997 س48
ج2 ص1584 )
وقضت محكمة النقض بأن: " المقرر أنه إذا ارتكب
التابع فعلاً غير مشروع دون أن يقع من المتبوع خطأ شخصي فإن المتبوع يكون متضامنا
مع تابعه ومسؤول قبل المضرور عن أعماله غير المشروعة وما ينبني على ذلك من أن
المضرور يكون بالخيار إما أن يرجع على التابع وإما أن يرجع على المتبوع وإما أن يرجع
عليهما معاً. ( المواد ١٦٣ ، ١٦٤ ، ٢٨٤ ، ٢٨٥ مدني.
( الطعن
رقم 1905 لسنه 56 ق جلسة 7/6/1993
س44 ج2 ص575 )
وقضت محكمة النقض بأن:" المقرر في قضاء هذه المحكمة
أن علاقة التبعية تقوم على توافر الولاية في الرقابة والتوجيه بأن يكون للمتبوع
سلطة فعلية في إصدار الأوامر إلى التابع في طريقة أداء عمل معين يقوم به لحساب
المتبوع وفي الرقابة عليه في تنفيذ هذه الأوامر ومحاسبته على الخروج عليها .. المادتان
163 ، 164 مدني."
(الطعن
رقم 734 لسنة 59ق جلسة 22/4/1993)
ثانياً: الأساس
القانوني للتعويض:
أولا: جرت المادة 163 من القانون المدني:- كل خطأ سبب
ضرار للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض".، فالخطأ من جانب المدعى عليه ثابت بما
لا يدع مجالا للشك، مما يكشف عن عدم اكتراثه بحياة الآخرين ومصالحهم، فلو كان قد
اتبع اللوائح وتعليمات الأمان والسلامة لما حدث ما حدث وما ضاعت أرواح أبرياء، ما
يؤكد أن الوفاة كانت نتيجة مباشرة لما وقع من إهماله وخطئه الجسيم، بل يضاف إلى
هذا الإهمال خطأ أكبر جسامة، وهو استمرار الأعمال لأيام بعد الحادث دون وضع لافتات
تحذيرية أو علامات تنبيه للمواطنين بخطر أعمال الحفر، وهو ما ثبت بمعاينة النيابة
العامة ومعاينة اللجنة المنتدبة من حي الهرم وكذا اللجنة المنتدبة من محافظة
الجيزة، وهو ما يؤكد للمحكمة ثبوت الخطأ في جانب المعلن إليه وتوافر الإهمال وعدم الاحتزاز
في جانبه، ما لن يستطيع المدعى عليه نفى الاتهام ليقينه الكامل بأن ما وقع كان
نتيجة لإهماله .
عناصر الضرر:
أولاً: الضــرر: لا شك أن المدعين قد أصابهم أضرار فادحة
من أجراء الحادث الذى أودى بحياة مورثهم أضراراً تفوق ما قد يحكم به من تعويض، ومن
المستقر عليه فقها وقضاء أن التعويض يشمل الضرر بنوعيه الأدبي والمادي. وأنواع
الضرر التقصيري في القانون المصري عدة أنواع 1- الضرر المعنوي ويقسم إلى ما يأتي: ضرر
معنوي يقع على جسم الإنسان يتسبب في تشويه وألم - ضرر معنوي يقع على شرف الإنسان
وسمعته. ضرر معنوي يقع على العاطفة والشعور وهو غالباً ما ينطوي على تعكير للمزاج
النفسي وتكدير صفوه. ضرر معنوي يقع على الإنسان متمثلاً في ضياع حق ثابت له، وضرر
مادي مباشر وضرر مادي غير مباشر، أي يأتي كنتيجة مترتبة على الضرر المباشر .
أولاً: الضرر المادي:
هو الإخلال بحق للمضرور أو بمصلحة مشروعة له ذات قيمة مالية ويعتبر المساس بسلامة الجسم ضرر ماديا، بل يمتد الضرر في حالة الوفاة إلى أقارب الضحية وبالتالي يجوز لهم المطالبة بالتعويض عن هذا الضرر المادي الذى أصابهم. ولما كان التعويض يقدر على أساس الكسب الفائت والخسارة اللاحقة، وقد كان المجنى عليه في مقتبل عمره أمامه العديد من الفرص التي كانت ستحقق له فوق مكاسبه أدبيا ومركزا اجتماعيا وشهرة واسعة نظراً لظهور بيارق الأمل المبنية على تفوقه في دراسته بجانب ما سيعود عليه وعلى أسرته بكسب مادى كبير مما كان سيوفر لهم - لولا ما حدث - حياه أسرية كريمة، حيث كان المجنى عليه أمل الأسرة كلها والتي تكرس كل فرد فيها كل طاقته وجهده من أجل إعانته على الوصول الى مركز علمي واجتماعي مرموق . ومن ثم يكون جموع ذلك قد حقق خسائر مادية فادحة، إذ أن تعب الأب والأم في تربية ابنهم مع سيل من النفقات المستمرة يومياً على المأكل والملبس والعلاج والتعليم إلى أن يصبح شاباً يافعاً حتى التخرج من الجامعة، لهو جهدُُ يساوى عُمرهما معاً بأكمله بنياه بأيديهما لبنة على لبنة، فقد ضاع شقاءهم وعناءهم في التربية والتعليم والرقابة والتثقيف والإرشاد على مدار عشرين عاماً كاملة، تدمر تماماً في ثانية واحدة بفعل إهمال المدعى عليه وعدم اكتراثه بحياة الآخرين وعدم التزامه باللوائح والتعليمات .
ولا شك أن الابن المتوفى
إلى رحمة مولاه كان مصدراً معتبراً من مصادر دخل الأسرة ويساهم في الإنفاق عليها،
إذ أنه يشارك أبويه في نفقات الأسرة، حيث كان يعمل عملاً منتظماً وقد خطفه الحادث
الأليم حال عودته من عمله فجر ذلك اليوم المشؤوم، فراح أثره من الدنيا وصار غباراً
تنثره الرياح، وراح معه ما كان معلقاً عليه من آمال وأحلام حقيقية ومشروعة . فقد
كان هو حلم حياتهم ومشروعهم في هذه الحياة، ولم يسعفهم الوقت والجهد لإنجاب مزيدٍ
من الأبناء ..
فقد
قضت محكمة النقض المصرية بأن :" العمل الضار ـ يستوجب مسئولية فاعله عن التعويض طبقا لأحكام القانون وتـقـديـر الأدلـة
فيها مما يخضع لتقدير محكمة الموضوع وحدها بغير معقب عليها (الطعن رقم 300 لسنة 33 ق جلسة 17/6/1963) وأيضا
قضت بأن :" تقدير التعويض من سلطة محكمة الموضوع بشرط أن تحيط في حكمها
بعناصر المسئولية المدنية : من خطأ وضرر وعلاقة سببية إحاطة كافية " (الطعن
رقم 162 لسنة 43 ق جلسة 29 / 4 / 1973) و قضت بأنه :" يشترط للحكم بالتعويض
عن الضرر المادي أن يكون هناك إخلال بمصلحة مالية للمضرور وأن يكون هذا الضرر
محققا " (طعن قم 1422 لسنة 25 ق جلسة
13 / 3 / 1956)
الأرباح الفائتة والخسائر الاحتمالية:
الأرباح الفائتة: هي ما يمكن أن يحققه الشخص من أرباح في المستقبل إذا سرت الأمور بالشكل الطبيعي الاعتيادي، بحيث تكون فرصة الربح أكيدة ومحققة، وليست مجرد فكرة افتراضية، أي أن تكون هناك قرينة حقيقية على حصول الربح في المستقبل، ما لم تتدخل عوامل المسؤولية التقصيرية الراجعة للمدعى عليه، بحيث تكون هذا الأخطاء قد أعاقت استمرار العمل فأدت إلى فقدان أرباح كانت محققة الوجود في الظروف الاعتيادية.. وهذه الأرباح المتحققة الوجود في الظروف الاعتيادية تتمثل في تعاظم المشروع الذي يقوم عليه الأب والابن معاً في تضامن، فالأب يملك مؤسسة تباشر أعمال التجارة والاستيراد والتصدير، ومن الطبيعي أن لكل مجتهد نصيب من جهده، وحتماً تؤدي وفاة الابن إلى توقف هذه المؤسسة عن العمل وانهيار المشروع الاقتصادي وتوقفه، بل تحول جهده التنموي إلى نزيفٍ مستمر بسبب فقدانه للشغف وفقدانه للوارث وانعدام أي فائدة مرجوة للمشروع، وكل هذه أرباح كانت محققة الوجود لو استمرت الظروف الاعتيادية .. فكما وصفته محكمة النقض بأنه :" كسب لم يتحقق ولكن تحققه مُنتظر وفقاً للسير العادي للأمور ، وقد تسبب الموت في تعديل لهذا السير بوقفه وانقطاعه تماماً وانقطاع كل أملٍ فيه ... وهو ما يعني أن الموت ليس فقط تدميراً للنفقات والجهد المبذول في التربية والرعاية والتنمية والتعليم فقط، بل تدمير للنتائج التي كانت حتمية مترتبة على هذا المجهود .
وأما الخسائر الاحتمالية؛ فهي ما يمكن أن يتكبده الشخص من مبالغ مالية في
المستقبل لغرض إصلاح الوضع الراهن وما تسبب فيه المعلن إليه بفعله، حيث أن المدعى
عليه قام بحرق مشروع الحياة القائم بالنسبة للمدعيين، حيث أن الأب المدعي يملك
مؤسسة تجارية للاستيراد والتصدير، وقد داوم على تعليم وتدريب ابنه المتوفى لكي
يكون ساعده الأيمن في عمله ومدير أعماله في هذا المشروع، ويتحمل عنه أعباء سفرياته
المتكررة خارج البلاد لمباشرة تجارته. بينما بوفاة هذا الابن فقد تحطمت آمال الأب
وتحطم مشروع الحياة بكامله وبقى على قائمة انتظار التصفية، خاصة أن الأب لم تعد
تسعفه الصحة أو الشغف لمتابعة أعماله بنفسه ويحتاج إلى مدير بالأجر يباشر أعماله
بدلاً عن ابنه المتوفى ضحية الإهمال واللامبالاة، وبكل تأكيد فهذا المدير المستأجر
لن يقوم بعمله على الوجه الأمثل كما لو كان الابن يباشره بنفسه، علاوة على كم
الأجور التي يتلقاها هذا المدير نظير القيام بعمله هذا .. وكل ذلك يوضح كم الخسائر
الاحتمالية التي يتعرض لها المدعيان في هذا الوضع المتردي .
الأضرار الأدبية
والنفسية:
الضرر الأدبي: هو الذى يصيب العاطفة والشعور من حزنٍ وأسى لا تعوضه أموال الدنيا إن اجتمعت في سلة واحدة ، فقد كان الابن المتوفى فلذة الكبد في ريعان شبابه يحمل في طياته من الحيوية والنشاط والعفة ما يجعله مدخل السرور على أبويه وطمأنينة لهم من نائبات الدهر ونكوص الظروف التي قد تودي بهم إلى الضياع دون سندٍ لهم، فالابن بطبيعة الحال يتولى رعاية والديه ويخفض لهما جناح الذل من الرحمة كما ربياه صغيراً، وهو ما يجعلهم يعلقون عليه الآمال عند بلوغهم أرزل العمر ، يحفظ كرامتهم إذا مرض أحدهم، ينفق عليه ويطعمه ويسقيه ويعالجه ويأويه، وإذا فقد الأبوان هذا الأبن فلا معين لهم في الحياة، ولا يوجد من يتولاهم وينفق عليهم ويرعاهم ويؤانس وحدتهم في الشيخوخة والعجز، فالابن هو بمثابة الضمان الاجتماعي لأبويه في الكِبَر، ولهذا قال الله عز وجل أن المال والبنون زينة الحياة الدنيا، فإذا ذهب البنون ذهبت زينة الدنيا وبهجتها من أعين الإنسان وعاش غربة في الدنيا.. فضلاً عن حالة الحزن والأسى التي تلازم الأبوين حال فقد ابنهم في حياتهم، تغمض الدنيا عيونها في وجوههم وتذبل زهرتها حزناً عليه، ولا يمسح تجاعيد الحزن من وجوههم شيء مهما كان ثميناً، فلا يوجد ما أغلى من الابن البار في هذه الدنيا.. فقد عاش الأبوان ثلاثة أيام من الفاجعة تخشبت على إثرها مشاعرهم وتجمد الدم في عروقهم، فالموت فاجعة كبرى جعلت الحزن يفترش الطريق بسبب الاستهتار واللامبالاة .
والواقع أن عملية القتل
ذاتها قد تتم بصمت تام كضربة خنجر بالنسبة للمقتول ذاته، بينما يستمر نزيفها عمراً
كاملاً بالنسبة لأبويه، وهي الأسوأ بالطبع لأن المغدور به يرى ألمه البطيء ويشعر
به فترة أطول كلما تفقد نجله في أروقة المنزل ولم يجده، وكلما تفقده في أروقة
العمل ولم يجده، وكلما شاهد جيرانه يتسامرون مع أولادهم وتحفهم البهجة بينما هو
يحدث نفسه بما كان .. وما لبث أن ذاب كالسراب .. وأسدل الستار على قلوبٍ طال شوقها
وحنينها إلى وضع الرحال بعد عناء الحياة ويدٍ رقيقةٍ تمسح دمعة من دمعاتهم. وكفى
عذابا للأبوين حينما خرج ابنهم زهرة يانعة وقد عقدوا عليه الأمل لحياه كريمة.. وعاد
إليهم جثة متفحمة بصعقٍ كهربائي، عاد إليهم خبر مقتله يخضب وجوههم بالسواد ويغلق
باب الأمل ويصيب الجميع بحالة من الذهول وصدمة نفسية لا يقدر مداها سوى الله . فهو
الذي تحملوا من أجله الأعباء المادية والنفسية التي طالما تكبدوها من أجل يوم
يحصدون فيه ما زرعوه، وفجأة إذ هو ملقى على الأرض جثة هامدة لا حياة فيها .
وهذا كله ما تسبب في أضرار مادية ومعنوية لا حصر لها من جراء انطفاء جزوة الحماس للحياة والإحباط الذي حصله المدعيان بسبب وفاة ابنهم وخسارة أموالهم وفوات الوقت وضياع العمر وفناء الجهد، وما يستلزمه ذلك من نفقات مضاعفة لاستدراك الموقف وانتشال مشروعه ونفسه من حالة الضياع، فالأمر ليس متعلقاً بحسابات مادية بقدر ما هو متعلق بأعباء وهموم معنوية أشد وطأة من الخسائر المادية ما أدى لتعكير مزاجه النفسي طول الوقت.. ما أذهب عنهم حالة الشغف بالحياة لرؤية أحفادهم المنتظرين.. فمن أصعب التجارب التي تمر علي الإنسان في حياته هي الابتلاء بموت الولد كما قال الشاعر: إنـمـــا أولادُنـا بيننـــا أكـبادُنـا تمـشـي علـى الأرضِ .. لو هَبّتِ الريحُ على بعضهـم لامتنـــعتْ عيـني من الغَمْـــضِ. فموت الابن سبب له ألماً نفسياً فاق كل آلام الدنيا وحفر جرحاً غائراً لا يمكن رأب صدعه، لأن الهوان جاء في مقام التكريم. ثم يجد نفسه في وضع المهزوم المكلوم.. المتوسل لاقتضاء أبسط حقوقه يستجدي مقابلاً عن ضياع فلذة كبده.. فإلى الآن لا يستطيع الأب نسيان اللحظة التي اتصل فيها المستشفى ليخبروه بوفاة ابنه، وما زال يشعر بنارٍ تشتعل في صدره ولا تنطفئ . وهذا الشعور أثقل من البهتان على كتف البريء، وهو ضرر معنوي وألم نفسي يعجز المرء عن تقديره.
والضرر الأدبي والنفسي
وصفته محكمة النقض المصرية بأنه:.... الذي لا يصيب الشخص في ماله ويمكن إرجاعه
إلى أحوال معينة، وقسمته إلى؛ ضرر أدبي يصيب الجسم نتيجة الألم الذي ينجم عن
الحالات التي تعتريه، وآخر يصيب الشرف والعرض والاعتبار، وثالث يصيب العاطفة
والشعور، وأخير يصيب الشخص من مجرد الاعتداء على حق ثابت له ".
حيث انتهت محكمة النقض إلى
أنه:" إذا تسببت وفاة المجنى عليه عن فعل ضار من الغير فإن هذا الفعل لابد أن
يسبق الموت ولو بلحظة مهما قصرت كما سبق وفى هذه الحظة يكون المجنى عليه مازال
أهلا لكسب الحقوق ومن بينها حقه في التعويض عن الضرر الذى لحقة وحسبما يتطور إليه
هذا الضرر ويتفاقم، ومتى ثبت له هذا الحق قبل وفاته فإن ورثته يتلفونه عنه في تركته،
ويحق لهم بالتالي مطالبة المسئول بجبر الضرر المادي الذى سببه لمورثهم لا من
الجروح التي أحدثتها به فحسب، وإنما أيضا من الموت الذى أدت إليه هذه الجروح
باعتباره عن مضاعفاتها. (الطعن رقم ١٣٤٤٤ لسنة ٩٠ قضائية)
وحيث أن الطالبين قد تعرضوا للضرر المادي من وفاة مورثهم لما كان يحققه
لهم من كسب وما سيلحق بهم من خسارة كما أنهم أضيروا أدبياً ومعنوياً بفقده فخسروا
محبته وحنانه ورعايته لهم فاستحقوا التعويض عن مقتل مورثهم بسبب خطأ الأول
ويقدرونه بمبلغ 9000,000 ج (تسعة ملايين
جنيه مصري) فضلاً عن أنهم يستحقون التعويض
الموروث عن موروثهم، والذي كان يستحقه مورثهم عن إصابته والتي أدت إلى وفاته وتعويضه عن خسارته فيما فاته من كسب طيلة حياته
مبلغ 1000,000 ج (مليون
جنيه مصري. ولما كانت الأعمال المنفذة لصالح المدعى عليه الثاني مؤمن عليها لدى
الثالث فشأن الطالبين يحق لهم مطالبة المعلن إليهم جميعاً ضامنين متضامنين
بالتعويض عن الضرر الذي نتج عن فعل الأول.
بناء عليـــــه
أنا المحضر سالف الذكر قد انتقلت وأعلنت المعلن إليهم وكلفتهم بالحضور
أمام محكمة جنوب الجيزة الابتدائية ومقرها/ 36 شارع الربيع الجيزي سابقا - صلاح سالم حاليا - محافظة الجيزة . أمام
الدائرة ( ) بجلستها التي ستنعقد
علناً يوم................... الموافق
/ / 2025 في تمام الساعة التاسعة
صباحاً وما بعدها للمرافعة وسماع الحكم عليهم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا للطالبين
مبلغ وقدره 10,000,000 ج (عشرة ملايين
جنيه مصري) تعويضا عن الأضرار المادية والأدبية
التي لحقت بهم جراء قتل مورثهم علاوة على التعويض الموروث، مع إلزامهم بالمصروفات
القضائية وأتعاب المحاماة.
ولأجل العلم ،،،
رابط الخبر : https://2u.pw/eaouq
خدمات
شركة أركان للمحاماة والاستشارات القانونية
توفر شركة أركان للمحاماة
والاستشارات القانونية خدمات التقاضي ، وقديم أفضل محامي تعويضات من أجل
توفير خدمة قانونية متكاملة ، كما أنها توفر الكثير من الخدمات المتميزة في هذا
المجال، والتي تتمثل فيما يأتي:
·
توفير أفضل فريق عمل لحل المشكلات القانونية
وترقبها.
·
تقديم خدمات صياغة العقود على أيدي أمهر
المحامين مع التدقيق اللغوي.
·
توفير خدمة التقاضي وفض المنازعات
بطريقة قانونية آمنة وسريعة ومضمونة.
·
تقديم أفضل واجهة استخدام للموقع، مما يتيح
السهولة في التعامل عليه وطلب محامي قانوني.
·
توفير أفضل خدمة عملاء وتواصل معهم على مدار
الساعة.
·
تقديم أفضل الأسعار التنافسية للخدمات
القانونية بجميع أشكالها.
كيفية التواصل مع موقع أركان للمحاماة
والاستشارات القانونية
اتصل بنا لكي تتعرف على المزيد من المعلومات
والتفاصيل على الرقم 01055144010، كما يمكنك الحصول على أفضل محامي تعويضات
من خلال طرق أخرى للتواصل أيضًا، وهي:
·
التواصل على الواتساب من هنا.
·
التواصل على موقع أركان الرسمي من هنا.
·
التواصل عبر البريد الإلكتروني أو الفيس بوك
أو تويتر أو الإنستغرام.